كَانَ لِلشَّيْخِ
الصَّالِحِ بُسْتَانٌ جَمِيلٌ مُمْتَلِئٌ بِمُخْتَلَفِ أنْوَاعِ الْأشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ، وَسَوَاقِي الْمَاءِ
الْعَذْبِ، تُعْطِي تِلْكَ الْأشْجَارُ فَوَاكِهً لَذْيذَةً كَثْيرَةً وَمُتَنَوِّعَةً.
جَعَلَ الشَّيْخُ
نَصِيباً مِنْ تِلْكَ الثِّمَارِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الَّذِينَ كَانُوا يَتَوَافَدُونَ أيَّامَ قِطَافِهَا
إلَى الْبُسْتَانِ، لِيَأخُذُوا نَصِيبَهُمْ مِنْهَا، وَكَانَ الشَّيْخُ يُعْطِيهِمْ مِمَّا
رَزَقَهُ الله بِنَفْسٍ طَيِّبَةٍ وَقَلْبِ سَعِيدٍ، لِأنَّهُ يُرْضِي الله تَعَالَى، وَيُدْخِلُ السَّعَادَةَ
عَلَى قُلُوبِ
أولَئِكَ الْمُعَذَّبِينَ.
كَانَ جَمِيعُ أوْلَادِ
الشَّيْخِ الصَّالِحِ – إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ – يَكْرَهُونَ فِعْلَ أبِيهِمْ، وَيَعْتَبِرُونَهُ تَبْذِيراً وَ إنْفَاقاً
فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَ عِنْدَمَا مَاتَ، قَرَّرُوا أنْ يَحْتَفِظُوا بِثَمَرَاتِ
الْبُسْتَانِ كُلِّهَا، لِيُكْثِرُوا مَالَهُمْ ، وَيُسْعِدُوا أنْفُسَهُمْ وَأوْلَادَهُمْ، فَالْبُسْتَانُ مُلْكُهُمْ وَ هُمْ أحْرَارٌ فِي
التَّصَرُّفِ فِي غَلَّتِهِ.
o قَالَ
أحَدُهُمْ: لَقَدْ صَارَ الْبُسْتَانُ لَنَا، وَسَوْفَ نَجْنِي مِنْهُ الْكَثِيرَ.
o قَالَ
الثَّانِي: وَلَنْ نَدَعَ الْفُقَرَاءَ يَقْتَرِبُوا مِنْهُ أبَدًا.
- قَالَ الثَّالِثُ: وَلَنْ يَطْمَعَ الْفُقُرَاءُ بَعْدَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ مِنْهُ.
o قَالَ
أوْسَطُ الْإخْوَةِ، وَكَانَ مُعْجَباً بِأبِيهِ وَبِكَرَمِهِ وَإنْفَاقِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ : أنْصَحُكُمْ أنْ تَتَّبِعُوا
طَرِيقَةَ أبَاكُمْ، فَالله
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ حَقّاً فِي هَذَا
الْبُسْتَانِ.
o قَالَ
كَبِيرُهُمْ : إنَّهُ بُسْتَانُنَا .. وَلَيْسَ لِأحَدٍ حَقٌّ فِيهِ غَيْرُنَا.
o قَالَ
أوْسَطُهُمْ : بَلْ إنَّهُ بُسْتَانُ الله، وَقَدْ اسْتَوْدَعَنَا إيَّاهُ، وَلِلْفُقَرَاءِ
نَصِيبٌ فِيهِ..
اِشْتَدَّ الْجِدَالُ
وَطَالَ الْحِوَارُ، وَغُلِبَ الْأخُ الْأوْسَطُ عَلَى أمْرِهِ، وَتَبَعَ إخْوَتَهُ رَغْمًا عَنْهُ، قَرَّرُوا
أنْ يَذْهَبُوا بَاكِرًا لِجَنْيِ الْجَنَّةِ الدَّانِيَةِ الْقُطُوفِ، وَأنْ يَأخُذُوا كُلَّ مَا فِيهَا مِنْ فَوَاكِه
وَثِمَارٍ قَبْلَ أنْ يَنْتَبِهَ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ لِذَلِكَ.
نَامَ الْإخْوَةُ
عَلَى أحْلَامِ الْغَدِ الْمُمْتَلِئِ بِالْغِنَى وَالثَّرْوَةِ، وَاسْتَيْقَظُوا فِي الْجُزْءِ الْأخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ،
فَأسْرَعُوا إلَى بُسْتَانِهِمْ، وَعِنْدَمَا وَصَلُوا إلَيْهِ وَقَفُوا مَصْدُومِينَ،
فَقَدْ كَانَ الْبُسْتَانُ مُحْتَرِقًا بِأكْمَلِهِ ..
o قَالَ
كَبِيرُهُمْ : لَا .. لَا .. هَذَا لَيْسَ بُسْتَانُنَا ..
o قَالَ
الْآخَرُ: لَقَدْ ضَلَلْنَا الطَّرِيقَ فِي الظَّلَامِ.
o قَالَ
أوْسَطُهُمْ : بَلْ إنَّهُ بُسْتَانُكُمْ، قَدْ أرْسَلَ الله عَلَيْهِ طَائِفاً مِنَ الْبَلَاءِ فَجَعَلَهُ كَمَا تَرَوْنَ، لِأنَّكُمْ
حَرَمْتُمُ الْفُقَرَاءَ حَقَّهُمُ الَّذِي فَرَضَهُ الله عَلَيْكُمْ.. وَلَقَدْ نَصَحْتُكُمْ،
وَلَكِنَّكُمْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ ..
نَدِمَ الْإخْوَةُ عَلَى فِعْلَتِهِمْ، لَكِنْ بَعْدَ
فَوَاتِ الْأوَانِ.
قَالَ تَعَالَى: قَالُوا
سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ{29} فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى
بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ{30} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ{31}
عَسَى رَبُّنَا أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا
رَاغِبُونَ{32}
وحدة التربية الإسلامية
|
قسط
حكمة
|
المستوى
السادس
|
تمرين
|
أصحاب الجنة
|
|
قصة أصحاب الجنة كما حكتها التلميذة ابتسام العمرتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق