قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: دخلت إمرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض.
الحيوان مخلوق من مخلوقات الله، لذا وجب الرفق و العناية به، لأن كل من يعتدي عليه و يسيء معاملته سيدخل النار.
الحيوان مخلوق من مخلوقات الله، لذا وجب الرفق و العناية به، لأن كل من يعتدي عليه و يسيء معاملته سيدخل النار.
توسع في الدرس
من مبادئ حَضَارتنا الإسلامية في مجال الرِّفق بالحيوان، أن تقرِّرَ أن عالَم الحيوان كعالَم الإنْسَان، له خصائصه وطبائعُه وشعوره؛ {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38]، فله حقُّ الرِّفق والرَّحمة كحقِّ الإنْسَان: ((الراحمون يرحمهم الرَّحمن))؛ بل إن الرحمة بالحيوان قد تُدخِل صاحبها الجنة؛ ((بينما رجل يمشي بطريق إذِ اشتد عليه العطش، فوجد بئرًا فنزل فيها، فشرب، ثم خرج، فإذا كلب يلهث يأكل الثرى منَ العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب منَ العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئرَ فملأ خفه ماءً، ثم أمسكه بفِيه حتى رقى فسقى الكلب، فشكر الله - تعالى - له، فغَفَرَ له))، قالوا: يا رسول الله: وإنَّ لنا في البهائم لأجرًا؟ فقال: ((في كل ذات كبدٍ رطبة))؛أخرجه البخاري، ومسلم، ومالك، وأحمد، وأبو داود.
كما أن القسوة على الحيوان تُدخِل النار: ((دخلتِ امرأةٌ النارَ في هرَّة، ربطتها فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل مِن خشاش الأرض))؛أخرجه البخاري، ومسلم.
وتمضي الشريعة في تشريع الرحمة بالحيوان:
- فتُحَرِّم المكْث طويلاً على ظهره وهو واقف؛ فقد قال - عليه الصَّلاة والسلام -: ((لا تَتَّخِذوا ظهور دوابكم كراسي))؛رواه أحمد، والحاكم.
- وتحرم إجاعته وتعريضه للضَّعف والهُزَال؛ فقد مرَّ - عليه السلام - بِبَعِيرٍ قد لصق ظهره ببطنه، فقال: ((اتَّقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة))؛رواه أبو داود، وابن خُزَيْمة.
- كما تحرم إرهاقه بالعمل فوق ما يَتَحَمَّل؛ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بستانًا لرجلٍ منَ الأنصار فإذا فيه جمل، فلما رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسح دموعه، ثم قال: ((مَن صاحِب هذا الجمل؟))، فقال صاحبه: أنا يا رسول الله، فقال له - عليه الصَّلاة والسلام -: ((أفلا تَتَّقي الله في هذه البهيمة التي مَلَّكَكَ الله إياها، فإنَّه شكا إليَّ أنك تجيعه وتُدْئِبُه))؛رواه أحمد، وأبو داود، أي: تُتْعِبُه بكثـرة استعماله.
- كما يحرم التَّلَهِّي به في الصيد؛ ((مَن قتل عصفـورًا عبثًا، عَجَّ إلى الله يوم القيامة، يقول: يا ربِّ، إنَّ فلانًا قَتَلَني عبثًا، ولم يقتلني منفعة))؛رواه النسائي، وابن حبَّان.
- واتخاذه هدفًا لتعليم الإصابة؛ فقد لَعَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنِ اتَّخَذ شيئًا فيه الرُّوح غرضًا؛رواه البخاري ومسلم؛ أي: هدفًا.
- وتنهى عنِ التَّحريش بين الحيوانات ووسمها في وجوهها بالكَي والنار، أي: كيِّها لتعلم من بين الحيوانات الأخرى؛ فقد مرَّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - على حمار قد وُسِم في وجهه، فقال: ((لَعَنَ الله الذي وسمه))؛ رواه الطَّبَراني.
أمَّا إذا كان الحيوان مما يُؤْكل، فإنَّ الرحمة به أن تُحدَّ الشَّفرة، ويُسقَى الماء، ويُراحَ بعد الذبح قبل السلخ؛ ((إنَّ الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحدَّ أحدكم شَفْرته، وليُرِح ذبيحته))؛ رواه مسلم، وأبو داود، ومالك، والتِّرمذي؛ بل إنَّ إضجاع الحيوان للذبح قبل إحداد الشفرة قسوةٌ لا تجوز؛ أضجع رجل شاة للذبح، وهو يحد شفرته، فقال له - عليه السلام -: ((أتريد أن تميتها موتتان؟! هلاَّ أحددت شفرتك قبل أن تضجعها))؛رواه الطبراني، والحاكم.
واسمعوا ما أروَع هذه الرَّحمةَ بالحيوان وأبلغ دلالتها على روح حَضَارتنا؛ قال عبدالله بن مسعود: "كنا مع رسول الله في سَفَر، فرأينا حمرةً - طير يشبه العصفور - معها فرخان لها، فأخذناهما فجاءت الحمرة تعرِّش - ترفرف بجناحيها - فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها))، ورأى قرية نمل قد أحرقناها فقال: ((مَن أحرق هذه؟))، قلنا: نحن، قال: ((إنه لا ينبغي أن يُعذِّب بالنار إلاَّ ربُّ النار))؛أخرجه أبو داود.
0 التعليقات :
إرسال تعليق